أخبار عالميّة طيار هيروشيما الذي لم يندم.. كيف قـ.ت.ل 140 ألف إنسان بلا رحمة؟
في تمام الساعة 2:45 من صباح 6 أوت 1945، انطلق سرب من الطائرات من مطار نورث فيلد بجزيرة تينيان الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة في المحيط الهادئ، وضم هذا السرب الطائرة الأميركية من طراز "بي-29" التي سُميت لاحقا "إينولا غاي".
وبعد 6 ساعات من الطيران في جو صيفيّ هادئ، وصلت الطائرة إلى وجهتها فوق مدينة هيروشيما اليابانية. بدأت الطائرة تلقي حمولتها فوق المدينة، هذه الحمولة لم تكن سوى قنبلة نووية أُطلق عليها "ليتل بوي" (Little Boy) أو "الولد الصغير"، كانت كافية لتحويل هيروشيما إلى ركام تنبعث منه رائحة الموت والدمار والخوف الذي امتد من المدينة اليابانية نحو سائر العالم.
هي لحظة واحدة، مجرد ضغطة زر، مجرد تنفيذ لأمر، لكنها استطالت وتعمقت لتصبح ندبة غائرة في جسد التاريخ، وغيّرت معها تاريخ الحروب الحديثة، وأدخلت العالم عصر الأسلحة النووية المرعب، لا كفكرة، بل كتجربة ميدانية على أجساد وأرض وأرواح.
لم يتمكن طاقم الطائرة "إينولا غاي" ورفاقهم من استيعاب ما حدث، ففي غضون ثوان قليلة اختفت مظاهر الحياة تدريجيًا تحت عمود هائل من الغاز والغبار والدخان، له قلب أحمر ناري ارتفع نحو 40 ألف قدم فوق سطح الأرض، وكان وهج الانفجار شديدًا إلى درجة أن بعض أفراد الطاقم اعتقدوا أنهم أصيبوا بالعمى، وعندما نظروا إلى الأسفل وجدوا الحرائق تشتعل في كافة أنحاء المدينة.
بعد سنوات، سيدوّن المشاركون في تلك العملية مشاعرهم التي وصفوها بـ "المختلطة" عن تلك اللحظة الدموية المدمرة. بعضهم سيعبّر عن الندم الشديد، مثل الرائد كلود إيثرلي، قائد طائرة الاستطلاع الجوي التي دعمت قصف هيروشيما. وقد عانى إيثرلي طوال حياته من نوبات هلع متكررة جعلته عاجزًا عن النوم، تطارده كوابيس عن نساء وأطفال تلتهمهم النيران.
وعلى خلاف إيثرلي، التزم أغلب أفراد الطاقم الأميركي طوال حياتهم تقريبا بالسردية الرسمية للأحداث، وعلى رأسهم قائد المهمة الطيار بول وارفيلد تيبيتس، الذي صرح في فيلم وثائقي أنه نظر من شباك الطائرة ورأى القنبلة التي خلّفت وراءها سحابة سوداء تشبه فطر "عيش الغراب"، ودُفنت تحتها مدينة هيروشيما المنكوبة.
في تلك اللحظة، يذكر تيبيتس أنه أدار الطائرة في انعطافة حادة وقام بمناورة الهروب التي كان يتدرب عليها منذ شهور، لم يفكر في مصير من هم على الأرض، لم يشعر بتأنيب الضمير، ولم يندم قط على إلقاء أول قنبلة ذرية في التاريخ، بل على العكس من ذلك، أمضى 62 عامًا من حياته يدافع عن إلقاء القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغازاكي، مبررًا ذلك بأنه "لا أخلاق في الحرب".
من طبيب إلى طيار هيروشيما
ليلة الهجوم على هيروشيما، وبينما كان الفريق منهمكًا في التجهيز لأداء المهمة، نزل بول تيبيتس إلى مكان تجمع الطائرات وخطّ اسم والدته "إينولا غاي" على جانب القاذفة الأميركية الأكثر تطورا آنذاك "بي-29".
ستشارك "إينولا غاي" بعدها بعدة أيام ضمن سرب الطائرات المكلف بالهجوم على ناغازاكي، ليظل هذا الاسم مرتبطًا للأبد بالحرب العالمية الثانية وعمليات إلقاء القنابل الذرية، حيث تُعرض الطائرة حتى اليوم ضمن المقتنيات الأثرية في مركز "أودفار هازي" التابع للمتحف الجوي الفضائي الأميركي في ولاية فيرجينيا، وما زال اسم "إينولا غاي" مرسومًا على جانبها.
حين سُئل تيبيتس في أحد الحوارات عن السبب الذي جعله يكتب اسم والدته على الطائرة، قال إن والده بول وارفيلد تيبيتس أراد له أن يصبح طبيبًا، ورفض تشجيعه على ترك دراسة الطب والالتحاق بأحد مدارس الطيران، فكانت والدته "إينولا غاي" هي من شجعه على متابعة حلمه، ولهذا السبب أطلق اسمها على الطائرة التي قادها نحو هيروشيما، وذلك لإيمانه العميق بأن الطائرة سينالها جزء من شهرة الهجوم الذري، فكانت تلك طريقته في تكريم والدته.
ولد بول وارفيلد تيبيتس الابن في 23 فبراير/شباط 1915، بولاية إلينوي وسط غرب الولايات المتحدة، وبعد عدة سنوات انتقلت العائلة إلى مدينة ميامي بولاية فلوريدا، حيث قضى تيبيتس أغلب سنوات نشأته.
يحكي تيبيتس في مذكراته المنشورة عام 1978 بعنوان "قصة تيبيتس"، كيف بدأ شغفه صغيرًا بمهنة الطب، حيث كان يقضي فصول الصيف في مزرعة جده بولاية أيوا، وهناك افتتن بمتابعة عمليات ولادة الحيوانات وعلاجها. أما المثير للغرابة فكان ذكره أن رؤية الدم في هذه السن الصغيرة لم تسبب له أي نوع من الانزعاج.
كان ذلك قبل أن يكتشف لاحقًا أن الإثارة التي تقدمها مهنة الطب لا تقارن بالمشاعر الغامرة التي يوفرها التحليق في الهواء، ففي سن الثانية عشرة، وأثناء عمله ضمن حملة ترويجية لأحد مصانع الحلوى، جلس الشاب اليافع في المقعد الأمامي لطائرة تحلق على ارتفاع منخفض وتسقط قطع الحلوى بالمظلات على الجماهير.
شعر تيبيتس وكأنه أمير يركب بساطًا سحريًا، ومنحته التجربة إحساسًا لم يختبره من قبل بالمتعة والإثارة، والأهم من ذلك شعورًا بالتفوق على الجنس البشري، مثل بذرة مبكرة لطبيعة شخصية مثيرة للجدل.
في عام 1937، سيترك بول تيبيتس دراسته لينضم إلى سلاح الجو الأميركي، وسرعان ما أظهر الشاب موهبة استثنائية في الطيران جعلته يشق طريقه ويتدرج في المناصب والرتب، حتى إنه تولى قيادة سرب القنابل رقم 340 لمجموعة القصف رقم 97 في أغسطس/آب 1942، ليشارك تيبيتس بعدها في الغارات الجوية على الأهداف الألمانية في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث قاد 12 طائرة من طراز "بي-17" وشارك في عشرات العمليات القتالية.
وكانت تلك هي الفترة التي أهلته فيما بعد ليتولى مسؤولية التحليق بالقاذفات الأميركية الأحدث في العالم من طراز "بي-29" أو "سوبر فورتريس" (Superfortresses).
قضى تيبيتس عامين يتدرب على طائرة "بي-29″، وهو ما مكنه من تجربتها بكل الطرق الممكنة، حتى أصبح بشهادة قائد القوات الجوية الجنرال هنري هاب أرنولد، أفضل طيار في سلاح الجو الأميركي.
وبحلول أغسطس/آب 1944، استدعي تيبيتس لمقابلة العقيد جون لانسديل، مسؤول الأمن والاستخبارات في مشروع مانهاتن (مشروع إنتاج القنبلة الذرية الأميركي)، وذلك في اجتماع حضره قائد القوات الجوية الثانية الجنرال أوزال جيرارد إنت، والقائد البحري ويليام ديك بارسونز الذي شغل منصب المدير المساعد لمختبر "لوس ألاموس" التابع للمشروع، وإلى جانبهم العالم الأميركي الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1989، نورمان رامسي.
خلال هذا الاجتماع سيجري إطلاع بول تيبيتس على الدور الخاص الذي سيلعبه داخل مشروع مانهاتن، وفي الوقت الذي يعمل فيه العلماء على تطوير أول سلاح ذري أميركي، سيعمل تيبيتس على التخطيط وتدريب الطاقم المناسب من الطيارين وقاذفي القنابل وعاملي الرادار، من أجل تسليم هذا السلاح إلى وجهته الأخيرة.
حتى ساعة الصفر، كان تيبيتس الوحيد بين أفراد طاقمه المطلع على طبيعة السلاح الذي سيستخدم في الهجوم على هيروشيما، فقد التقى 3 مرات بمدير مشروع مانهاتن، الفيزيائي الأميركي جي روبرت أوبنهايمر، الملقب "أبو القنبلة الذرية"، كما شرح له الفيزيائي رامسي كيف أن هذه القنبلة تنفجر بقوة تعادل 20 ألف طن من مادة "تي إن تي" المتفجرة. ورغم إدراكه للأعداد الهائلة من الضحايا المدنيين، قبِلَ بأداء المهمة دون تردد.
كان تيبيتس، وعمره آنذاك 29 عاما، مبهورًا بالسلطة التي مُنحت له في هذه السن الصغيرة، فاختار الطاقم "الأفضل" لمشاركته في أداء المهمة، مثل قاذف القنابل الرائد توماس فيريبي، والملاح الجوي ثيودور فان كيرك.
وفي قاعدة ويندوفر الجوية المهجورة بولاية يوتا، اجتمع أفراد الطاقم وخضعوا للتدريب على مناورات الطيران ومحاكاة القصف. وتميزت تلك الفترة الشاقة بإجراءات أمنية مشددة، ويصف تيبيتس هذه التجربة قائلًا إنها علمته كيف يصبح كاذبًا محترفًا، حيث لم يكن يُفترض أن يعلم أي شخص طبيعة العملية التي كُلف بها، هذا الأمر دفعه لأن يمارس الكذب على مدى 10 أشهر، كان يضطر خلالها لاختلاق الأحداث التي سيحكيها لزوجته وأفراد عائلته.
كان التحدي الأكبر الذي واجهه تأهيل طائرة "بي-29" لتصبح قادرة على حمل قنبلة مدمرة تزن 10 آلاف رطل، ولهذا عمل تيبيتس على ابتكار طرق جديدة من أجل تخفيف وزن الطائرة.
وفي 6 أوت 1945، صعد تيبيتس إلى قمرة القيادة، تغمره أضواء الكاميرات لتوثيق هذه اللحظة التاريخية، ابتسم الطيار الشاب ملوحًا بيديه، في حين اجتمع أفراد الطاقم لالتقاط الصورة الأخيرة أمام "إينولا غاي". كانوا جميعًا يشعرون وكأنهم نجوم في افتتاح أحد الأفلام الهوليودية، لم يسبق لبول تيبيتس أن شعر بمثل هذه القوة.
بعد إقلاع الطائرة سيجمع تيبيتس أفراد طاقمه ليخبرهم عن سر القنبلة الذرية. وتشير رواية شائعة أنه وزع على رجاله قبل انطلاق الرحلة كبسولات مادة "السيانيد" السامة، كما تلقى تعليمات بإطلاق النار على أي رجل يرفض الانتحار في حال فشل الهجوم، حيث لم يكن يُفترض أن يقع أفراد الطاقم في الأسر.
استغرقت عملية القصف بأكملها 7 دقائق، وانفجرت القنبلة بعد 43 ثانية من إسقاطها، وبعدما تجاوزت "إينولا غاي" مرحلة الخطر، زف مسؤول الاتصالات اللاسلكية "رسالة النصر" عبر موجات الراديو إلى السلطات الأميركية، ويقال إن الرئيس هاري ترومان تلقى هذه الرسالة وهو عائد من أوروبا، وقد تهللت أساريره بما اعتبره أعظم خبر في التاريخ.
في طريق العودة، نام تيبيتس قليلا، حيث كان مستيقظًا من الليلة السابقة، في حين أطبق الصمت والصدمة على أفراد طاقم الطائرة، وذلك حتى وصلوا إلى جزيرة تينيان، حيث استقبلهم القادة والجنود استقبال الأبطال احتفالا بنجاح أول عملية قصف ذري.
شرب الجنود ورقصوا وشاهدوا فيلما سينمائيا، وقد صرح بعضهم أن انغماسهم في مظاهر الاحتفال لم يكن إلا للهروب من هول المشهد، فقد تفحم أقرب الناس إلى نقطة الانفجار، واختفت المدينة بالكامل عن وجه الأرض، ولقي 70 ألف ياباني حتفهم جراء الانفجار الأوّلي للقنبلة.
وفي الأسابيع التالية للهجوم، تزايدت أعداد القتلى الناجمة عن التسمم الإشعاعي حتى بلغت بحلول نهاية العام إلى 140 ألفا، بخلاف 70 ألفًا آخرين قتلوا في ناغازاكي.
لم يزر بول تيبيتس مدينة هيروشيما ثانية، ومع ذلك -وربما بدافع الفضول- ذهب لمعاينة الدمار في مدينة ناغازاكي المنكوبة بعد استسلام اليابان، وهناك شاهد عن قرب ما يمكن أن تفعله القنبلة الذرية على الأرض. وبعد انتهاء الحرب، عاد معظم أفراد طاقم "إينولا غاي" إلى ديارهم، حيث تزوجوا وأسسوا عائلات وانخرطوا في الحياة المدنية، واعتبرهم أغلب الأميركيين أبطالا.
هكذا، وتنفيذا "للأوامر"، وفي 7 دقائق مثّلت المدة الكاملة للعملية، قُتل أكثر من 140 ألفا. تنفيذا للأوامر، يصبح القاتل في عُرف الوطن بطلا، وتنزاح عن كتفيه ورأسه أعباء الدم المسفوك والدمار الذي ستمتد ندوبه لأجيال.
لم يكن فرعون ليصبح من هو، دون جنود يُذبّحون الأطفال ويستحيون النساء، ودون سَحرةٍ يهيمنون على عقول الناس بنشر الوهم وبث الرعب في قلوب الناس. ولم يكن لقصة أصحاب الأخدود أن تجري دون جنود يحفرون الخنادق، وآخرين يشعلون النار، بينما يراقب صاحب الأمر مُحتفيا بقوته وجبروته.
ويتقادم الزمن، وتعيد السنن دورتها، فالقاتل، وجنوده، والضحايا، حاضرون مهما اختلفت الجغرافيا وتغير الزمان وتغيّرت المبررات.
عالم ما بعد القنبلة الذرية
بالعودة لعقلية الجندي، يرى تيبيتس نفسه عسكريًا منضبطا تربى على اتباع القواعد وتشبّع بأفكار الدفاع عن الوطن، فكان قرار إسقاط القنبلة الذرية على هيروشيما بالنسبة إليه واجبًا وطنيًا أنهى الحرب وجلب السلام إلى العالم.
وقد كانت سردية تيبيتس للأحداث تحاكي الخطاب الأميركي الشائع الذي روّج -بتبجح يحسد عليه- للقنابل الذرية باعتبارها الطريقة الأكثر إنسانية لإنهاء الحرب وإنقاذ ملايين الأرواح من الأميركيين واليابانيين على حد سواء.
تأثر هذا الخطاب الأميركي بشكلٍ كبير بالمقال البارز الذي نشره السياسي والمحامي الأميركي هنري ستيمسون في مجلة "هاربر" عام 1947 بعنوان "قرار استخدام القنبلة الذرية"، الذي وضع الأسس الأولى لما أصبح فيما بعدُ السردية الرسمية للأحداث.
شغل ستيمسون منصب وزير الحرب مرتين، الأولى بين عامي 1911 و1913، والثانية بين عامي 1940 و1945. وأثناء توليه المنصب، عيّنه الرئيس فرانكلين روزفلت عام 1941 ضمن اللجنة المختصة بتطوير سلاح ذري والتي عرفت بعد ذلك باسم "مشروع مانهاتن".
اعتمدت تبريرات ستيمسون لاستخدام الولايات المتحدة القنبلة الذرية على نقطتين محوريتين؛ الأولى هي الأرواح التي "أنقذتها" القنابل الذرية بإنهاء الحرب وعدم الاضطرار إلى غزو اليابان، دون الالتفات إلى الأرواح التي أزهقت بفعل هذه الأسلحة المدمرة.
والنقطة الثانية كانت المجادلة بأن اليابانيين كانوا مصممين على القتال حتى اللحظات الأخيرة، وبالتالي لم يكن أمام الولايات المتحدة أي خيار آخر سوى اختصار أمد الحرب بهذه الطريقة.
وقد صُممت هذه التبريرات لإراحة ضمير الأمة الأميركية من تبعات هذه الكارثة، وقد استمر بول تيبيتس في ترديدها حتى نهاية حياته لإقناع نفسه.
آتت الدعاية أكلها في البداية على ما يبدو، بعدما أيد غالبية الشعب الأميركي قرار قصف هيروشيما. وذكر تقرير المتحف الوطني للحرب العالمية الثانية أن الأميركيين لم يكترثوا كثيرًا لمصير اليابانيين، حيث كان القصف المروع للمدن إحدى سمات هذا العصر، كما أظهر استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة "غالوب" الدولية في أوت 1945، أن 85% من الأميركيين أيدوا قرار القصف من منطلق اعتقادهم بأن هذا القرار قادر على وضع أوزار الحرب العالمية الثانية.
اعتمدت تبريرات ستيمسون لاستخدام الولايات المتحدة القنبلة الذرية على نقطتين محوريتين؛ الأولى هي الأرواح التي "أنقذتها" القنابل الذرية بإنهاء الحرب وعدم الاضطرار إلى غزو اليابان، دون الالتفات إلى الأرواح التي أزهقت بفعل هذه الأسلحة المدمرة.
والنقطة الثانية كانت المجادلة بأن اليابانيين كانوا مصممين على القتال حتى اللحظات الأخيرة، وبالتالي لم يكن أمام الولايات المتحدة أي خيار آخر سوى اختصار أمد الحرب بهذه الطريقة.
وقد صُممت هذه التبريرات لإراحة ضمير الأمة الأميركية من تبعات هذه الكارثة، وقد استمر بول تيبيتس في ترديدها حتى نهاية حياته لإقناع نفسه.
آتت الدعاية أكلها في البداية على ما يبدو، بعدما أيد غالبية الشعب الأميركي قرار قصف هيروشيما. وذكر تقرير المتحف الوطني للحرب العالمية الثانية أن الأميركيين لم يكترثوا كثيرًا لمصير اليابانيين، حيث كان القصف المروع للمدن إحدى سمات هذا العصر، كما أظهر استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة "غالوب" الدولية في أوت 1945، أن 85% من الأميركيين أيدوا قرار القصف من منطلق اعتقادهم بأن هذا القرار قادر على وضع أوزار الحرب العالمية الثانية.